لقد واجه نادي ليفربول تحديًا مرهقًا في أغسطس الماضي عندما رفض عرضًا ضخمًا بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني من بطل دوري السعودي، نادي الاتحاد، من أجل محمد صلاح. اعترض الكثيرون على هذا القرار نظرًا لعمر صلاح، ولكن ما أغفلوه هو أن صلاح، في سن 31، يتحدى القواعد العادية. ففي 20 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، ساهم صلاح في 22 هدفًا (سجل 14 وصنع 8)، بمتوسط مساهمة كل 79 دقيقة. أداؤه لا يقل إذهالًا مع الوقت، حيث أظهر ذلك من جديد بتسجيله هدفين وصناعته هدفًا آخر في المباراة الأخيرة أمام نيوكاسل.
قدم يورجن كلوب إشادته لـ محمد صلاح باعتباره قوة لا تُرهق في تسجيل الأهداف، مؤكدًا طابعه الاستثنائي. خلال فوز مثير بنتيجة 4-2 ضد نيوكاسل يونايتد، ثبت أن تغيير حذاء صلاح في الشوط الأول كان أمرًا محوريًا، حيث هيّأ المسرح لصعود ليفربول للقمة بفارق ثلاث نقاط في الجدول.
على الرغم من فشله في تسجيل ركلة جزاء في الشوط الأول، إلّا أنّ صلاح قاد الهجوم في الشوط الثاني، فافتتح التسجيل في الدقيقة 49، ولعب دورًا كبيرًا في هدف كورتيس جونز في الدقيقة 74، وقدم تمريرة رائعة لهدف كودي جاكبو بعد أربع دقائق فقط، ووفَّق بتسجيل هدفين، أحدهما من ركلة جزاء في نهاية المباراة ليعوِّض عن الفرصة التي أضاعها في وقت سابق. كان تأثيره على بداية ليفربول المذهلة عام 2024 لا يُنكر.
وفي حديثه عن التغيير في الشوط الأول، اعترف صلاح: “الأحذية التي أخفقت في تسديد ركلة الجزاء مرتديّا إيّاها كنت قد تدرّبت بها الأمس فقط. ليس الأمر عبثيًّا، لأنني استخدم العديد من الأحذية، ولكن إذا شعرت أنها قد تؤثر على عقلي، أقوم بتغييرها. أفضّل ألّا أدخل الشوط الثاني وفي عقلي أفكار مثل ‘فشلت بهذه’. لذا، هدَّأت عقلي بوعي، ركَّزت وحاولت أن أحدث فارقًا، ولحسن الحظ، نجح الأمر”.
هدف صلاح أدخله إلى مجموعة النخبة، منضمَّا إلى هاري كين، سيرجيو أجويرو، واين روني وتيري هنري كأحد القلائل الذين وصلوا إلى 150 هدفًا في الدوري الإنجليزي الممتاز مع نادٍ واحدٍ، ولكنّ رحيله إلى كأس الأمم الأفريقية في ساحل العاج، التي ستبدأ قريبًا، قد يترك فراغًا كبيرًا.
إذا قاد صلاح منتخب مصر إلى النهائي في 11 فبراير، فقد يغيب عن حوالي ثماني مباريات مهمة للنادي في مختلف المسابقات. تشمل هذه المباريات مواجهات مثل مباراة الجولة الثالثة من كأس الاتحاد الإنجليزي ضد أرسنال، ومباريات نصف نهائي كأس الرابطة مع فولهام، ومباريات الدوري ضد بورنموث وتشيلسي وأرسنال مرة أخرى وبيرنلي. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمالية مواجهة في جولة الرابعة من كأس الاتحاد الإنجليزي أثناء غيابه.
يواجه كلوب الآن مهمة صعبة في ملء الفجوة الضخمة التي يتركها صلاح على الجانب الأيمن، مع الحفاظ على موقع ليفربول في الصدارة في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى عودته.
غياب لاعب الوسط الرائع واتارو إيندو أيضًا، الذي سيغادر إلى اليابان لكأس آسيا المتزامنة مع كأس أمم أفريقيا، يجعل الأمور أكثر صعوبة على الفريق. ومع ذلك، فإن عودة أليكسيس ماك أليستر في هذا الوقت الحساس بعد شهر من الإصابة تعزز الوسط وتعطي متنفسًا لكلوب.
صلاح شارك وبشكل مباشر في 51% من أهداف ليفربول الـ43 هذا الموسم في الدوري. الأمر الذي سيفتقده ليفربول أثناء غيابه. أضف إلى ذلك قيادته الرائعة، وجودته التي يرنّ صداها يوميًا داخل الفريق.
يبرز مدى صمود صلاح الرائع، حيث لم يغب سوى في 10 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال أكثر من ستة مواسم مع ليفربول. ويعود غيابه لثلاثة أسباب رئيسة. أوّلها كان وصوله إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية السابقة منذ عامين فغاب مرتين. ثانيها استبعاده بشكل نادر ثلاث مرات كبديل غير مستخدم، في حين أن الإصابات والمرض كانت ثالثها في الحالات الخمس المتبقية.
آخر مرة لعب فيها ليفربول مباراة في الدوري دون صلاح تعود إلى موسم 2021-2022 في المباراة ما قبل الأخيرة ضد ساوثهامبتون، وقد تم استبعاده بسبب مشكلة صغيرة في الفخذ كإجراء احترازي قبل نهائي دوري أبطال أوروبا.
يعتبر تحديد بديل واضح لصلاح أمرًا صعبًا بسبب تواجده المستمر طيلة الموسم. ومع ذلك، أظهر هارفي إليوت مهاراته في تلك الدورة مسبقًا، ويستحق المزيد من وقت اللعب. وعبّر إليوت بنفسه عن استعداده لهذا المنصب، إذ نشأ وهو يلعب في تلك الوضعية. بالإضافة إلى ذلك، قد يشكل ديوجو جوتا خيارًا آخر للجناح الأيمن. أضف إليهم دومينيك سزوبوسلاي.
في غياب صلاح، تبرز الحاجة لتوزيع مسؤولية التسجيل على الفريق. على الرغم من أن غياب غريزة القاتل يمكن أن تثير حزنًا حزنًا، إلّا أنّ انسيابية ليفربول الهجومية وقدرتهم على خلق العديد من الفرص ضد نيوكاسل أسفرت عن رقم مدهش: من أصل 34 تسديدة، 15 تسديدة منها كانت على المرمى، ممّا أسفر عن بلوغ قيمة الأهداف المتوقعة رقم (xG) 7.27 – وهو أعلى رقم مُسجل في مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ بداية تسجيل هذه الإحصائية في موسم 2010-2011.
هدف غاكبو كان عودة ملحوظة له للتسجيل في الدوري الإنجليزي بعد أن كان قد توقف عن التّهديف منذ سبتمبر، في حين واصل جوتا تقديم مساهمات مؤثرة بعد دخوله كبديل. أمّا لويس دياز، الذي كانت أداؤه الأخير مصدر قلق، فأظهر أداءًا أكثر تهديدًا على الجانب الأيسر، مسببًا اضطرابًا أدى إلى حصول الفريق على ركلة جزاء.
بالانتقال الى داروين نونيز، الذي أنهى جفافه التهديفي لمدة 12 مباراة بأناقة ضد بيرنلي، فقد واجه صعوبات في استغلال الفرص هذه المرة. لكن كلوب ألقى الضوء على تضحيات نونيز، الذي أعدّ الفرصة لصلاح كي يكسر الأخير الجمود في بداية الشوط الثاني، مادحًا اللّاعب الأوروغوياني في حديثه.
فبعد المباراة، أكّد كلوب مصرّحًا: “99.99% من اللاعبين كانوا سيحاولون التسديد، ولكنّ داروين اختار تمرير الكرة بدلاً من ذلك. كانت لحظة بارزة.” أعرب كلوب عن رضاه عن اللعبة وأداء الفريق بشكل عام، معترفًا بأن الفرص الضائعة هي جزء من اللعبة.
أمّا الآن، ومع غياب صلاح، فقد تغيّرالمشهد، حيث سيتطلب الحفاظ على هذا الزخم جهدًا جماعيًا هائلًا من ليفربول. فهل ينجحون؟
في تخطيه المصاعب التي تنتظره بعد رحيل صلاح، يواجه ليفربول امتحانًا مصيريًا في العمق والتكيف. خلال سعيه للحفاظ على زخمه وادائه المذهل، تصبح القرارات الاستراتيجية ذات ثقل مهيب. في هذا المشهد الديناميكي، تبرز بيتواي كمصدر ثمين كمنصة للمشجعين في لبنان كي ينخرطوا في رحلة الفريق في الاحتمالات والتجربة السلسة في المراهنة عبر الانترنت. عش حماس المباريات مع بيتواي، الموقع الرائد للرهان عبر الانترنت في لبنان
-علي سيف الدين